بداية 

المقال عبارة عن ترجمة هشام فهمي و نشره ع صفحته ع الفيس  “المترجم” و قامت المصري اليوم بتجميعه و نشره
 لينك المصري اليوم
 تم ابلاغ المترجم قبل النشر هنا






لعلَّك لم تفكِّر في دونالد دك/بطوط
من قبل إلا باعتباره البطَّة العصبيَّة الكسول الذي طالما أضحكنا في
طفولتنا وحتى يومنا هذا، سواءً في أفلامه العديدة التي بدأت سنة 1934، أو
في قصصه المصوَّرة المُمتِعة التي لاتزال رائجة بكلِّ اللغات إلى الآن.

لا شكَّ أن بطَّة ديزني الكارتونيَّة هذه من أكثر
الشخصيَّات الخياليَّة الأيقونيَّة على مرِّ التاريخ، ولا مفرَّ من
الاستمتاع بمغامراته اللامحدودة في صُحبة عمه الثري البخيل سكروچ (عم دهب )
وأولاد أخته الظُّرفاء هوي ودوي ولوي (توتو وسوسو ولولو)، لكن ماذا لو
عرفت أن إسهام تلك الشخصيَّات المحبَّبة في حياتنا يتجاوز مجرَّد الضحك
والترويح عن النفس إلى ما هو أبعد من هذا بكثير؟

سنوات طويلة ودونالد/بطوط ورفاقه يُغيِّرون العالم،
ولايزالون، وليس هناك أي مجالٍ للمبالَغة هنا على الإطلاق.

 5 معجزات قام بها بطوط، ورصدها موقع «Cracked» ونقلها للعربية
المترجم هشام فهمي على صفحته «المترجم» على الفيسبوك.

معذرةً كريستوفر نولان… عم دهب فعلها أولاً

كان Inception واحدًا من أكبر وأهم الأفلام على الإطلاق
في سنة إنتاجه، وقد أشاد المُشاهِدون والنُّقَّاد على حدِّ سواء بقِصَّته
الأصليَّة غير المسبوقة، التي ضمَّت تقنيات سينمائيَّة جديدة عن مُشارَكة
الأحلام وسرقة الأفكار والليمبو السيكولوچي والهرب من اللاوعي عن طريق
مُنبِّهات- أو «ركلات»- معيَّنة. من الواضح أن كلَّ هذه الأفكار تحمل
لمحاتٍ من العبقريَّة، لمحاتٍ يمكن تتبُّعها في الحقيقة إلى العجوز سكروچ
ماكدك/عم دهب.

في قِصَّة مُصوَّرة صدرت سنة 2002، وقبل ثمانية أعوام من
فيلم كريستوفر نولان، قامت عصابة البيجل بويز/عصابة القناع الأسود بالسيطرة
على عقل سكروچ/عم دهب من خلال حُلم. كانت العصابة تقوم بتجربةٍ جديدة
لسرقة الأحلام، ودخلت عقل سكروچ/عم دهب للحصول على كود فتح خزانته. إذا كان
هذا السيناريو يبدو مألوفًا، فالسبب أن افتتاحيَّة Inception تتم بالشكل
نفسه بالضبط. فقط عليك استبدال بعض الكلاب المتكلِّمة بليوناردو ديكاپريو.


بعد دخولهم عقل سكروچ/عم دهب، يعاني البيجل بويز/القناع
الأسود من صعوبةٍ في التفرقة بين الواقع والحُلم، وهو- مرَّة أخرى- ما حدث
مع شخصيَّات Inception بالضبط، الذين احتاجوا إلى أشياءٍ بعينها- طواطِم-
تجعلهم يُدركون الفارق بين الحُلم والواقع. ثم إن دونالد/بطوط يدخل الحُلم
أيضًا ليجد وسيلة لإخراج العصابة منه، ومن جديد يتكرَّر موضوع «الركلات»
لإخراج الحالِم من الحُلم. يضطر سكروچ/عم دهب للخروج من حُلمٍ والدخول في
آخر للفرار من العصابة، لكنه- كشخصيَّة كيليان ميرفي في الفيلم- لا يتذكَّر
ما حدث في الحُلم السابق، بينما يتذكَّر دونالد/بطوط كلَّ شيء.


ونأتي إلى القِصَّة العاطفيَّة المعقَّدة عن مول، زوجة
ديكاپريو السابقة التي لعبت دورها ماريون كوتيار، ولنقارِن هذا بشخصيَّة
جولدي، حبيبة سكروچ/عم دهب السابقة التي لم يرها منذ خمسين عامًا. هي ليست
ميتة كمول، لكن سكروچ/عم دهب مازال يحمل بالتأكيد الكثير من الذنب تجاهها،
لأنه اختطفها وعذَّبها في شبابه، ما يجعلها مسيطِرةً على لاوعيه وتظهر في
مواقفٍ كثيرة في أحلامه خلال القِصَّة.


الجدير بالذِّكر أن كريستوفر نولان لم يُعلِّق أبدًا على التشابُهات الكثيرة بين العملين.
من عم دهب إلى إنديانا چونز

يُعَد Raiders of the Lost Ark، أول أجزاء سلسلة Indiana
Jones، واحدًا من تلك الأفلام التي ينبغي أن يراها أيُّ عاشقٍ للسينما في
حياته مرَّة واحدة على الأقل، ومن أشهر مَشاهده على الإطلاق المشهد
الافتتاحي الذي يدخل إندي فيه معبدًا ليسرق كنزًا، ثم يفر من جلمودٍ صخري
عملاق يُطارِده. مرَّة أخرى يمكننا أن نشكر سكروچ ماكدك/عم دهب، لأن مصدر
إلهام هذا المشهد الذي كتبه چورچ لوكاس وستيڤن سپيبلرج معًا، والمستوحى في
الحقيقة من مغامرتين مختلفتين لعزيزنا عم دهب. لقد اعترف سپيبلرج بأن الصنم
الذي سرقه إندي والجلمود الذي طارده بعدها مأخوذ من مغامرة سكروچ/عم دهب
التي صدرت سنة 1954 بعنوان The Seven Cities of Cibola، التي كتبها ورسمها
كارل باركس. الفارق أن في القِصَّة المصوَّرة ترفع عصابة البيجل بويز الصنم
من مكانه، ما يتسبَّب في انهيار الكهف ومطارَدة الجلمود الصخري الضخم لهم.


أما بقيَّة المشهد الافتتاحي للفيلم- السهام والسكَّان
الوطنيون الذين يطاردون إندي- فقد أقرَّ لوكاس بأخذها من مغامرة The Prize
of Pizarro التي صدرت سنة 1959.


بطوط يخترع طريقة لرفع السُّفُن الغارقة

قد يكون استيحاء الأفلام من قِصَص الكومكس المصوَّرة
شيئًا مفهومًا، فتسعين بالمئة تقريبًا من أفلام الموسم الضخمة التي حقَّقت
الملايين في السنوات العشر الأخيرة مأخوذ فعلاً عن مغامرات كومكس شهيرة.
لكن عندما تسبق بطَّة كارتونيَّة علماءً حقيقيين- علماء بوزن كارل كروير-
فإننا يجب أن نبدأ في التساؤل.

في سنة 1964 انقلبت سفينة على ساحل الكويت، ما تسبَّب في
مشكلةٍ كبيرة، لأن مخزن السفينة كان يحتوي على خمسة آلاف خروف غرقوا وبدأوا
في التحلُّل على مقربةٍ من واحدٍ من أهم مصادر مياه الشُّرب العذبة في
الكويت، ولا أحد يرغب في أن يشرب ماءً تحلَّل فيه خمسة آلاف خروف! هكذا قام
المخترع الدانمركي كارل كروير، بعد أن فشلت جميع السُّبُل الأخرى- بابتكار
تكنيك لرفع السُّفُن الغارقة يقومون من خلاله بملء السفينة المراد رفعها
بكراتٍ صغيرة قابلة للطفو عن طريق أنبوب، ما يجعل السفينة تطفو إلى السطح.
تطلَّبت هذه العمليَّة 27 مليون كرة صغيرة، لكنها نجحت، وتم رفع السفينة-
التي كانت تحمل اسم الكويت- ومعها شبح خمسة آلاف خروفٍ غارِق.

ما علاقة هذا بالبط الكارتوني إذن؟
طبعًا أراد كروير الحصول على براءة اختراع لفكرته
العبقريَّة، وهكذا تقدَّم بها إلى مكاتب براءات الاختراع في ألمانيا
والمملكة المتحدة وهولندا، وبينما وافقت الأولى والثانية على منحه براءة
الاختراع، فقد رفض المكتب الهولندي منحها إياه بحجَّة أنه سرق الفكرة من
دونالد دك!

الذي حدث أنه قبل خمسة عشر عامًا من ابتكار كروير، كتب
كارل باركس ورسم مغامرة بعنوان The Sunken Yacht التي تروي محاولات دونالد
دك/بطوط اليائسة لرفع سفينة العم سكروچ الغارقة من قاع المحيط، وكان الحل
الذي تقدَّم به أبناء أخته أن يقوموا بمد خرطومٍ إلى السفينة وملئه بكرات
الپينج پونج. هل ترى التشابه؟


طبعًا لا أحد يتَّهم العالِم المحترَم بسرقة الفكرة فعلاً، لكن مكتب براءات الاختراع الهولندي رفض تسجيل الفكرة تمامًا.
بطوط يكتشف جزيئًا جديدًا قبل 20 عامًا من العلماء
لقد خدم كارل باركس وبطَّاته العلم كثيرًا، إلى درجة أن
جامعة كورنل أطلقت اسمه على أحد الكويكبات، وكان هذا بالطبع بعد أن تم نشر
قِصَّة اكتشافه جزيئاً جديداً في المجلات والنشرات العلميَّة.


في سنة 1944 يصاب دونالد/بطوط في إحدى مغامراته في الرأس
أثناء مساعدته لأبناء أخته في تجربةٍ علميَّة يقومون بها، ما يجعله يتحوَّل
إلى عبقري يخترع نوعًا من المتفجَّرات اسمه Duckmite ويتكوَّن من عددٍ
معقَّد من العناصر والجزئيات. لم يكن كارل باركس يمتلك أيَّ خلفيَّةٍ
علميَّة بالطبع، وتمامًا كالتكنيك الذي ابتكره لرفع السُّفُن الغارقة، فإنه
كان يعتقد أنها مجرَّد فكرة طفوليَّة لا تصلح إلا لِقصَّة مصوَّرة طريفة.

بعد عشرين عامًا تلقَّت ديزني رسالة من كالتك- معهد
كاليفورنيا للتكنولوچيا- تقول إن هناك مقالاً على وشك النشر في جريدة New
York Academic Press العلميَّة بعنوان The Spin State of Carbenes يتحدَّث
عن قِصَّةٍ مصوَّرة لدونالد دك/بطوط عمرها تسعة عشر عامًا تذكر جزئيًا
جديدًا اسمه الميثيلين… الجزيء الذي اكتشفه العلم للتو وقت كتابة المقال!


كان باركس قد ذكر في قِصَّته شيئًا عن جزيء اسمه
الميثيلين، بل وصفه بأنه CH2 أيضًا قبل أن يُثبِت العلم وجوده فعلاً.
الأكثر غرابة من هذا أن ديزني تلقَّت رسالة أخرى بعد عامٍ من الرسالة
الأولى من أحد علماء جامعة هارڤارد تؤكِّد أن التفاعلات التي استخدمها
دونالد/بطوط بالجزيء من عددٍ من العناصر الأخرى صحيحة علميًّا تمامًا!
وأضاف أن هذا «تمَّ قبل سنواتٍ طويلة من توصُّل الكيميائيين إلى أيٍّ من
تلك التفاعلات».

عندما اخترع عم دهب المانجا
كان كارل باركس الكاتب والرسَّام الأغزر إنتاجًا لمغامرات
دونالد/بطوط ورفاقه، لكن لعل أكبر إسهاماته التاريخيَّة على الإطلاق هو
التأثير الذي أحدثته مغامراته على الفنان العبقري أوسامو تيزوكا. هل (الأب
الروحي للأنميميشن)، وصاحب شخصيَّة كيبما الأسد الأبيض التي سرقتها ديزني
بمنتهى الوقاحة وقدَّمتها في The Lion King.


كانت أعمال تيزوكا هي حجر الأساس للمانجا بعد الحرب
العالميَّة الثانية، والمانجا هي أصل الأنيميشن كما يعرف الجميع. يقول
تيزوكا بنفسه إنه مدين بكلِّ شيءٍ رسمه وكتبه لمغامرات عم دهب وبطوط
لصاحبها كارل باركس.